موضوع: رتاج وتأكيد المؤكد !!! ابو الحب وشعراء الصومعه الثلاثاء 5 يناير 2010 - 12:46
رتاج و تأكيد المؤكد .!!. أبو الحب و شعراء الصومعة..
كنا قد بدأنا بكتابة التعقيب على قصيدة ( لا ادري لما احن إليك ) للشاعرة ( رتاج )، فإذا بالتعقيب استطال ، فكان الرأي أن نتناول القصيدة بإسهاب ، عندما جنحنا في التعقيب الى الاستطراد فأصبح مقالاً نقدياً صغيراُ و من ثم قادنا التفكير الى الاسترسال ، و تم الرأي أن نقدمها مادة للنشر ، لتعميم الفائدة و أيضا لنوعية النص . كالعادة في حالة كهذه ، فإننا ننقب بالحرف و نتمعن بالكلمة و نبحث في العبارة، نقلب أوجه التفكير في كل ناح و وجه ، حتى نعطي القصيدة ما نستطيعه و ما تستحقه..
المطلع..
لا ادري لما احن إليك وارى فيك كل الحنان وكل الأماني وكل الأمان ونبع حب أبداً ما نضب
هذه هي المرة الثانية التي نقرأ فيها المطلع وحده ثلاث مرات قبل أن نتابع الى المتن و الخاتمة، و كانت المرة الأولى عندما تناولنا قصيدة من شعر = الواقع الغزاوي المرير = للشاعرة الأنيقة همس الجفون (ميرنا) منذ سبعة اشهر تقريباً ) ربما لأن الشاعرة رتاج بدأت بالسؤال : ( لا ادري لما احن إليك) و بعد ذلك أرادت إكمال السؤال في الفقرة ، لكنها بحنكة و و رشاقة و إبداع دخلت مسرعة الى لب الموضوع و أساسه فأعطت الجواب في ما جاء بعده من نفس السؤال و بصيغة السؤال..!! لاحظوا ذلك. ( وارى فيك) هنا استعاضت عن ( لأني) فقالت (و أرى فيك..... الخ ) . في القصيدة..
ثم ماذا يا طويل العمر ..!!؟ باحت مباشرة ب : ( اشتاق إليك كشوق الخريف للشتاء ..) حيث تكون الأرض في تشقق التربة من عطش الى الماء و يباس الزرع و شوق البراعم لتظهر و ترتوي و من ثم تتفتح .... و تابعت في ذكر الحالات (كشوق السماء للسحب الخريفية الحبلى بالغيث ، و شوق الأعرابي في ليلة (شتاء) للقمر و النجوم ، للنيازك و الشهب) و ما ذكرته عن (البدوي في ليلة شتاء ) هو ما يستدل به البدوي على طريقه في الصحراء ليلاً ، و كأنها ربطت بين حالة البدوي و (حالة حبها) و كلها في الفقرة ارتبطت بالسؤال - الجواب في المطلع و لنلاحظ ذلك في النص:
اشتاق اليك كشوق الخريف للشتاء وشوق السماء لتُغطيه السحب اشتاق إليك كشوق الإعرابي في ليلة شتاء للقمر للنجوم للنيازك والشهب
ثم ..!! أفصحت عن " المكتوم " في القلب و " المخزون " في الحنايا و الجوارح ،هو ما لم تستطع كتمانه طويلاً ، لأن الحب يضج في الصدر ، فيلهب المشاعر ، و يكاد ينفلت من "سجنه" لينفس عن كرب و شوق ، و قد ينفجر دمعات تنساب من المآقي على الخدين فتحفر فيهما قصيدة شوق ملحاح و العشق في الروح على طفاح .. قالت:
قصة حبي لك لا تجدها في الروايات ولا في الكتب
هنا (في ما سبق) تصبح الحالة الفردية الخاصة ، أشبه ما تكون بحالة عامة، فكل منا يتفرد أو يحاول التفرد عن الناس بقصته و يعتقد أنها ( وحيدة ) أو هي ( فريدة ) بين كل الحالات ، نتيجة شعوره بان حالته خاصة لا مثيل لها في الناس (و الكتب و الروايات) و تستمر في الإصرار ، و هي تقدم " عرض حال " فتقول:
فحبي لك غير كل الحب يبقى ثابتا قويا في بعدك وفي قربك فهو كينبوع متفجر أبدا ما نضب
شرحت ما عندها، أي ما تشعر به ، و لكنها أعطت لحبها ميزة الصمود و البقاء و الثبات ، سواء في البعد أو القرب ، و ختمت الفقرة بتشبيه دقيق جداً (عن الينبوع المتفجر)، لذلك قلنا أعلاه : ( و قد ينفجر دمعات تنساب من المآقي على الخدين ) و عادة الينبوع يتفجر ليجد طريقه من باطن الأرض ليخرج بالماء . و هنا التشبيه متقن .. ثم.. فهل يا ترى سهام حبي أصابت قلبك أم أنها أخطأت ولم تصب
هنا عادت الى التساؤل ، و هي حالة إنسانية عامة في المغرمين المدنفين ، و هم في ولهٍ و شوق و حيرة.، فكل مُـغْـرَم يعتقد أنها حالة خاصة به ، يترجمها حسب نسبة " أنانيته " في الحب ، و الأنانية هي العامل المشترك و الشعور نفسه بين العاشقين .فلا يتفرد به أحد ، فالحيرة هي أيضا و لو كانت " خاصة هنا " ، فهي في مكان ما حالة عامة..و لا عجب .. فاسألوا أهل الحب.. أو اسألوا أنفسكم .. قالت مؤكدة :
فتأكد حبيبي إذا عيوني بكت أو شفاهي ابتسمت فأنت اكيد تكون السبب
بعد المشوار أو النزهة الفكرية الشعورية ، جاءت الخاتمة لتؤكد ما هو أكيد و راسخ ( فتأكد حبيبي ) ، و الدمع في حالات الحب الصحيح هو رفيق الابتسامة ما اجتهدنا في الفصل ، فإننا سنصل الى النتيجة نفسها و لا عجب.فما يعتبره " المحب" عثرة ، يترجمها بدمعة .. فهل اختارت رتاج الدمعة في الاسم و كرسته بالفعل لتخرج علينا بهذه القصيدة الجميلة..!!؟