موضوع: قراءه في قصيدة الخوخه .. شعراء الصومعه الجمعة 17 ديسمبر 2010 - 12:44
قراءة في قصيدة "الخوخه "
"غرق السؤال "قصيدة فيها من لوحات الجمال ما يكفي و يفيض ، انها بوح عطر ، هاديء مثل نسمات الصباح ، رقيق كابتسامة الفجر ، موشى كأزهار الربيع ، ساحر كأول المساء.. من " ناثر للحب "، و كم هو جميل هذا النثر يأتي كرذاذ ندي يروي عطش الأوراق الوردية ، و يبلسم على حرائرها جروح القيظ .حين "آذاب خفوق الهوى من لهيب" ، بعد ان كان " من الشوق عبير الدروب" حنان.
جميل هذا النداء حين يرتسم " كرجاء لحبيب" يود أن يعبر " بالشوك الذي تناسته في الليالي" عن الجوى في خفقان القلب "الذي ضج بالهيام " و في خلجات الفؤاد " فاح اريج الغرام الخصيب" . هذا الرجاء يدخلنا الى "عالم الحبيب " الذي يبوح بما " يضج" به صدره من رياح الهيام و اريج الغرام ، مما يجعله يتناسى "هموم الليالي و اشواك الماضي" التي تظل ترتسم في أحلامه و التي تكاد لا تفارقه .
هنا تلجأ الشاعرة خولة عبد الحكيم الغرياني (الخوخه) الى الشعر ، و الى" سحره الأنيق" الذي يترجم لغة القلوب ، و الذي يدخل اليها كالوميض في الأعين ، انه "فيلسوف الصمت " الابلغ و الافصح بياناً ." في حسن يوشي وصال الحبيب" .و في قلبها "لهفة تداري بها حنينها بالصمت الرهيب" .
فالصمت لغة العيون ، و قد يكون لغة الجسد ، انه بحق ابلغ من كل كلام ، " رغم رهبته " و هو الذي نخافه في الليالي و نحبه في السمر ، نخشاه كالبحر الهاديء ، و نشتاقه اذا اردنا اختصاراً في الكلام .فقلبها" رهيف رفيف القطوف" كأنه " عنقود الحب الرحيب"
انه التعبير ، في اللوحه و الرسم ،و هو منطق الالوان التي تدفعك لأن ترى في عمق الاشياء لا في ظاهرها ..في التشبيه و الاستعاره ، و اذ يصبح التلميح تصريح .، فان الشوق غالب .. و القلب مطالب...
هذه الفلسفة التي أدخلتنا اليها القصيدة تعبر عن جميل البلاغة حين تجعل الشعر مطواعاً على صفحات الورق ، فتترك له مجالاً للحيرة ، و مساحات للتساؤل ..!! انه الاعجاز في اللوحة الشعرية ،و هذه هي قيمة الشعر التي نتوخاها في قراءتنا لقصيدة كهذه . و رغم كل التساؤلات تنقلنا الشاعرة "الى ذاتها "، لتخبرنا عن رهافة قلبها ، و شفافية روحها و لطافة حسها ، حين " تخاطب حبيباً توارى اسيراً " وراء آفاق "صامتة "، تخيلت شاعرتنا ، انه " ضنين النحيب " ، فتراه "كشادٍ يناغي قلوب الحيارى" ، و تسمعه يغني " لحب رحيب " دون ان تدري كم في آهاته من " عذوبة العذاب " و من "صدق الوصال ".، بعد أن تركها "تلملم جراحاتها " التي يستحيل عليها الشفاء و لو على " يد الطبيب .."
لكل هذا أرادت شاعرتنا ان تمضي قدماً رغم المعاناة ، ملتحفة " رداء الصمت" من جديد ، ذاك الصمت الابلغ الذي ستجعله " همساً عجيباً " يغني من أعماق القلب على اوتار الذكرى ، " بلحن غريب "، " بعزف غريب" ، فذاك أجمل البوح لزارع ترك حصاده و مضى و بقيت زهوره تشرب من ندي الدموع ، فتلثمها و ترتوي لعلها تبقى زاهية ، ربما هناك عودة..
* ماذا بعد !!؟ - الآن عودة الى القصيدة ======== ملاحظة: العبارات بين مزدوجين مأخوذة من القصيدة. ======== غرق السؤال
أيـا نـاثـر الـحـب هـدئ حـناني من الشوق و انثر عبير الدروب
فـإنّ لـحـبـي حـروفـا ً بـقـلـبي أذابتْ خفوق الهوى من لهيبي
فضجّت بقلبي رياح الـهـيـام و فاح أريج الغرام الخصيب
تناسيت شوك الليالي بحلْمي و بلسمت جرحا تعافى بطيبي
و تـأتـي بـلحن يـغـنـي حياتي فـنروي لقـانا بطهر النسيب
فـللـشعـر سحر أنيق العهود و حسن يوشّي وصال الحبيب
و لكن على لهف قلبي تراني أداري حنيني بصمت رهيب
وتـَوّهـْتُ قـلـبا رؤوما بعـيدا لكي لا أذوق الهوى بالوجيب